top of page

حوار مع الفنان حسن مير



كيف بدأت السير في دروب الفن التشكيلي، إلى ماذا انتهيت حتى الآن؟ بداًت! عندما أحسست الملل من الاشياء التى حولي ومن الناس وتولدت عندي الرغبة في ان احاور نفسي بالرسم وبعدها ولفترة قصيرة فقدت الاهتمام بالاشياء الحركية كالرياضة والالعاب الشعبية والدخول الى التمعن في الاشكال والطبيعة وبعض القضايا التي تؤثر فيني. وبعده بدأت في التغير من شخصية مشاغبة الى انسان يحب الصمت والهدوء والشرود من الاشياء التي لا تروقني. أحببت حرفية والتقنية التي تتم فيها الرسم وخاصة الفن التجريدي والذي يرتبط في أكثر الاحيان باالمخزون العاطفي والفكري للفنان وفي أكثر الاحيان هي تعتمد على المعدل الزمني والفضاء المحيط به. وبعدها بدأت في أضافة القصة في اللوحة وفي اثناء دراستي الاكادمية ثأثرت ببعض المدارس الاوربية التي أكتشفت انها تشاركني في نفس الخط وخاصة الفلسفة التي يتم فيها تأسيس الفكرة في اللوحة. وبعد ان قضيت في الجامعة فترة التعرف على تاريخ الفن والمسببات التي ادت الى نشؤ تلك التيارات المثيرة وهناك استوقفتني مسألة التجديد في الفن والتعامل مع الادوات الجديدة في العمل الفني والتي اصبحت شاغلي الوحيد في الوقت الحالي.

ما الذي يثير الفنان ويحرك مشاعره ويدفعه ليقول ما تريد من خلال الخامات؟ االأشياء التي تثير الفنان كثيرة وهي تكون في أكثر الاحيان مرتبطة بطبيعة عيشه والمكان الذي فيه لايمكن ان نقارن نتاج الفنانين في أفريقيا بنتاج الفنانين في أمريكا فهي تختلف وايضاً نتاج أعمال الحرب العالمية تختلف عن أعمال الفترة الرومانسية أو عن نتاج فترات أخرى العوامل الخارجة والداخلية هي التي تتحكم في نتاج الفنانين. وأختيار الخامات هي معتمدة على التقنية التي يرغب الفنان في التعامل معها لأنتاج العمل الفني. فنانو هذا العصر يختلفون عن فنانين العصور الاخرى مع توفر الكم الهائل من التقنيات كالكاميرات والاجهزه الاخرى وتوسع المجال الفني وتنوعت الأخيارات الخامات.

برأيك أيهما يعتبر أكثر تأثيرا على الجمهور، الرسم أم الأدب؟ في مجتمعاتنا الأدب أكثر تأثيراً عن الفن لان الفن هو نتاج جديد على مجتمعنا وحتى الان لم تتشكل في نتاجنا خصوصية يمكن ان تطلق عليه “المؤثر” وفي هذا العصراصبحت وسائل الاعلام والتلفاز هو المؤثر الاكبر وجليس هذا العصر . عندما كنا نتحدث بالشعر كان الاروبيون يتحدثون بالرسم وخاصة الرسومات الدينية في الكنائس لان اكثر الناس كانو اميين وكان التحاور معهم اسهل من خلال اللغة البصرية اما في مجتمعاتنا فكانت الرسومات مستبعدة لاسباب دينية فكانت الوسيلة المؤثرة الوحيدة هي الادب.

ما هي المادة التي تفضل الرسم عليها ولماذا؟ احب مجوعة من المواد كالكانفس والورق المقوى وأفضل استخدام الالوان الزيتية عليها وانا اصنع ادواتي ينفسي وخاصة الكانفس لانه لايمكنني ان ارسم على المواد الجاهزة حتى الالوان التي ارسم بها يجب ان تكون بمستوى المحترفين واطلبها من مصانع يدوية تقليدية لوجود الجودة فيها. و أكثر من خمسة عشرة سنة وانا اجرب في ادوات وتقنيات جديدة ولاكن لم يمتعني في حالة الرسم أكثر من الطريقة الكلاسيكة التقليدية لانها هي التي تثيرني ولاكن لحضة الخروج عن الرسم هناك الكثير من المواد التي تؤثر فيني مثل الادوات المرتبطه بالتكنلوجيا الرقمية كالتصوير الفوتغرافي وطباعتها على اوراق واحجام مختلفة تعطي الصورة بعداً اخر.

برأيك أيهما يعتبر الأهم، الفن الواقعي، أم الفن التجريدي، وهل صحيح أن على الفنان أن يبدأ بالمدرسة الواقعية حتى تكون لديه مرجعية لأسس اللون وتكوين لوحته؟ كل المدارس والأتجاهات مهمة لايمكن ان نقول ان الاتجاه التجريدي اهم من الواقعي كلهما نتاج ضروف معينة ولقد فرضت الواقعيه نفسها عندما كانت هناك رغبة ملحة لتسجيل الواقع ورسم الايقونات والمنمنمات لتثقيف الديني وفرضت الواقعية التجريديه نفسها عند اكتشاف الكاميرا والتطور التكنلوجي. ان اشدد على ان الفنان يجب ان يعيش الخطوات في الفن فالرسم الواقعي او الرسم الحي يعطي القدرة للفنان ان يحافض على الاتزان في الرسم ويعطيه القدرة على التمكن مع التعامل مع الاشكال وبناء العمل الفني لاكن هناك فنانون كثيرون يتجهون الى الفن التجريدي واقحام نفسهم في هذا المجال لسهولة اخفاء عيوبهم في الرسم الواقعي.

من يرسم اللوحة، هي التي ترسم نفسها، أم الكامن في أعماق الفنان، أم موهبته وقدرته على الرسم البارع؟ اللوحة تخرج نتيجة المخزون العاطفي والفكري للفنان انا الذي احدد ماذا ارسم واضع نفسي امام الكانفس وفي بعض الاحيان النتائج تكون مرضية وفي بعض تحتاج الى التكرار عدة مرات لكي تكتمل النتيجة. كل هذي العوامل لن تكن تخرج بالشكل الصحييح اذا لم تكن عند الفنان القدرة على تشكيل الفكره والتعمق في الاشكال والقضايا التي بداخله.

ما هي المدرسة الفنية التشكيلية الأبرز في المرحلة الراهنة على المستوى العربي و الدولي والمحلي ؟ هناك عدة مدارس مهمة ولاكن الفن المفاهيمي والفنون المعتمدة على التكنولوجيا هي التى اكتسحت الساحة العالمية في العشر سنوات الماضية ولاكن اصبح هناك حضور كبير ايظاً للفن الواقعي والتجريدي بس بصورة جديدة. في الوطن العربي كانت هناك تجارب جديدة مهمة واغلبها في التصوير الفوتغرافي المفاهيمي ومع دخول مزادات العرض العالمية في الوطن العربي كا كرستي وسوزابيس اصبحت الاعمال التي ترسم هي التي لها الحضور الاكبر لانها هي التي يمكن اقتنائها. اما في الساحة المحلية فا الاتجاه التجريدي هو السائد في اغلب المعرض الفنية وتوجد بعض التجارب الجدية المؤثرة ولاكنها لم تستطع ان تشكل اتجاهاً او تياراً

كيف تواجه فضاعة الواقع المر المحيط بكل فنان، وكيف يستطيع الفنان تلوين الواقع وتجميله؟ توجد فضاعة ولا يستطيع الفنان ان يجمل القبيح دائماً ولاكنه يستطيح تقديم القبيح كجزء من الفضاعة. لااستطيع ان اجمل الواقع ولاكن استطيع ان اعكس الواقع لا يمكن ان اجمل الموت ولاكن هناك فنانين يستطيعو ان يجملو الموت وفي عملي “التفاحة” قدمت الموت ككائن قبيح لامفر منه ولايمكن هنا ان نقول ان الموت جميل.

نظمت العديد من المعارض المتميزة ، فما هي القيمة المضافة التي أتت بها؟وهل تمكنت من تكوين قاعدة فنية تميزك؟ أكثر المعارض التى نظمتها كانت تحمل طابع التجديد وتقديم أشياء مغايرة وغير تقليدية وفي اكثرها كنا نحاول تقديم عمل فني يحمل فكرة او قضية معينة. لقد اسسنا وقدمنا معارض اصبحت راسخة في ذهن المتلقي والتي يصعب مسحها وقد كونا قاعدة جيدة يستطيع فنانون اخرون ان يضيفو اليها بعداً اخر او فكراً جديداً.

ما سبب عزوف الجماهير عن معارض الفن التشكيليّ؟ معارض الفن التشكيلي في العالم العربي تعاني من نفس المشكلة قلة الحضور لان الفن اصبح نخبوياً في منطقتنا ولاكننا نستطيع ان نأسس جيلاً جديدا يمكن ان يتذوق الفن ويساهم في اثراءه في المستقبل . ولاكن الحضور الجماهيري في السنوات الاربعة الماضية كان لافتاً وكان هناك اقبال لمشاهدة المعارض المتميزة وبشكل متزايد عن الخمس سنوات الماضية.

اشتغلت على فن الفيديو آرت وقدمت أعمالا سيريالية اعتمدت على المشهد السينمائي ، وقلت انك تعتمد على (أحلامك أو كوابيس النوم) لصنع رؤية فنية تعبر عن تساؤلاتك أخبرنا عن هذه التجربة ؟ اشتغلت على فن الفيدو اثناء وجودي في الجامعة واستمريت فيه الى الان وسبب دخولي في هذا المجال كانت الحاجة الى سرد بعض القصص اواظهار احلامي او كوابيسي الى الواقع بالصوت والصورة والحركة. اللوحة ذو البعد الثنائي لم تكن تساعدني كثيراً في اظهار التسلسل في سرد الفكرة او الحكاية وهكذا دائماً يجب على الفنان ان يطوع ادواته ويكتشف طرق بديلة وجديدة لقول شيء ما.

كونك من رواد الفن التشكيلي العماني هل تغيرت الأدوات الفنية وتغيرت الساحة التشكيليةالعمانية بين ماكانت عليه وبين اليوم؟ المشهد التشكيلي العماني للأن يفتقد للأكادميين ولاكن المشهد تغير وتطور بشكل كبير وفي نفس الوقت هناك تراجع كبير بمستوى بعض الاسماء التي كانت لها حضورملفت. في السابق كانت المعارض تقام في قاعتين او ثلاث واغلبها في الفنادق لاكن الان هناك قاعات مهمة تنظم معارض بأستمرار كقاعة الجمعية وبيت البرنه وبيت مزنة وتقدم معارض متميزة. ومع وجود هذه المؤسسات كالجمعية العمانية للفنون التشكيلية ومرسم الشباب التى استطاعت ان تؤسس جيلاً جديداً من الرسامين المجددين بتهيئة الاجواء الملائمة لهم وارسالهم الى دورات ومعارض خارجية مهمة تغير المشهد التشكيلي بشكل كبير.

هل تجد ان النقد الفني التشكيلي استطاع الدخول الى عمق التجربة الفنية للفنان العماني أم ماتزال ثمة عوائق ؟ نفتقر الى النقد الجدي والصريح ولم تتشكل عندنا تجربة يمكن ان نطلق عليه عمانية لنستطيع الدخول والتعمق فيها. هناك بعض المحاولات النقدية الجيدة لبعض الفنانين ونشيد بهم لانهم قدمو شياً ولاكن يجب ان نكون واقعيين لاتوجد قاعدة حقيقية للنقد التشكيلي العماني .

ما أهم عمل فني قمت به ومازلت تحاول تكراره أو تكرار نجاحه ؟وهل انت من النوع الذي يجيد تكرار عمل سابق له ؟ لم احاول ان اكرر عملا فنياً نفذ سابقاً ولاكن في بعض الاحيان احاول ان استخدم نفس التقنيات في عمل مقدم سابقاً لكي لا اخرج عن سياق التجربه الكلية. طبيعة العمل التجريدي معتمد على الفكرة اللحظة لان كل لحظة تختلف عن الاخرى فلا يمكن ان نكرر ماتحس به الى اللوحة لان الاحاسيس تتغير.



Notes:

Tags:

Comments


bottom of page